أخر الاخبار

رواية فلاحة احتلت قلب المغرور الحلقة السابعة بقلم هبة شرارة

رواية فلاحة احتلت قلب المغرور الحلقة السابعة بقلم هبة شرارة

رواية فلاحة احتلت قلب المغرور الحلقة السابعة بقلم هبة شرارة


أول شيء فكرت فيه بعد عودتي لكفر المنشاوي هو زيارة أمينة هبطت الأراضي المنخفضة والشمس تفرش أشعتها في أنحاء البلدة ورائحة أقوام السباخ تخترق أنفي وطنين الذباب يخترق أذني


ظهر الكوخ الذي تسكن فيه أمينه يجلس بجواره رجلا على جوال تحت سحابة من الدخان الذي ينفثه وأمامه كلب عندما شاهدني الكلب كشر عن أنيابه وهاجمني بنباحه


التقط الرجل حجرا ورجم بها الكلب فابتعد قليلا وعلى بقعة من الأرض أطال جسده ودفن رأسه بين رجليه

سألني ذاك الرجل وهو يدفن سيارته في التراب و رمقني بنظره متفحصه صامته

اي خدمه


طأطأت رأسي وسألته وانا اسال عن امينه

مرر يده على ذقنه وهو ينظر لي بعينيه العسليتين من أعلى الى أسفل وأرتسم على وجهه تعبير يتداخل العديد من الاسئله ثم اخبرني انها بالداخل


ارتبكت وتعثرت الكلمات على فمي حينئذ كشف باب الكوخ الصفيح في صرير مزعج عن جسد امينه واسرعت الى

عود الزان يا الف مرحب هو انت جيت من البلد امتى قبل البقية في حياتك هو ابوكي كان عيانا


وقبل ان ارد على اسئلتها المتتالية رمقها الرجل بنظرات حادة انتفضت واسرعت تغطي رأسها بالشال الذي انزلق على كتفيها وجذبتني داخل الكوخ


ولأول مره ادخل فيه الكوخ الذي تعيش فيه امينه وجدته لا يحتوي على شيء سوى حصير وبعض الاواني المتهالكة وأرضيتها مغطاة بتراب الفرن وكانت والدتها تنام على حصير قديم يتخلله الثقوب


سألتها بتعجب عن ذلك الغريب الذي قابلني


غمرت الدموع عينيها وضربت التراب بكفيها واختنق صوتها وقالت لي انه اخيها

بدهشه نظرت إليها فهذه هي اول مرة اعرف ان لها اخ وان كان لها أين كان طوال هذه السنوات الماضية ولماذا لم تخبرني من قبل ان لها اخ


دار بخلد العديد من الأسئلة وسألته بتعجب

اخوك انت ما قلتش قبل كده ان لك اخ


لطمت خدها وشوهت بشالها

اهو اديكي عرفتي يا اختي


اعتدلت العجوز ونزعت الغطاء المهلهل من فوق قدميها ورفعت كوبا من الماء بجوارها على فمها وبعد أن تجرعت الماء رمقتني بنظرة صامتة وعادت مرة أخرى في نوم عميق


نظرت مرة أخرى لأمينه سالتها أين كان طوال هذه السنوات وعرفت منها أنه تركهم بعد أن التف حول مجموعة من حراميه البراري ودفعوا به إلى السير على ضربهم


فقد كان سعيد أسيرا هاجس الهوس للنيل من كل متعة الحياة وكان دائما ينعى حظه في الحياة فكثيرا ما كان يخلو إلى نفسه يراجع حساباته


كان دائما يتطلع إلى حياة أفضل من الحياة التي يحياها لم يكن يريد أن يصبح عمده ولا شيخ بلد بل يريد أن يمتلك بيت بسيط وليس خوصا يحوم حوله الذباب


يريد أن يوفر لأسرته حاجاتهم الضرورية دون أن يذل نفسه للغريب

كان دائما يسأل نفسه ماذا يوجد لدي حتى أقدمه لامي إذا مرضت أو أنقذ به أختي من خدمة البيوت أو ما يسند ظهري أمام بلد لا ترحم


انعكست معاناته النفسية والمادية على أخته وأمه فتلقى جسد أمينة العديد من ضرباته

كان يمر عليها ليال وهي تدفن نفسها تحت أعواد القش خوفا منه لا تسمع غير صوت أطرافها المرتعشة من الخوف

وتنبش أمها الأرض بعكازها بحثا عنها ولا تملك العجوز غير ضم ابنتها لصدرها وهي تطلب من الله ان يرزقها بابن الحلال الذي ينتشلها من قاع البئر وتدعو لابنها بالهدايه


ومع هذه المعاناة التي يعيشها راح يفكر كيف يصنع من أيامه حياة ثرية وكان الاختبار الوحيد هو الانضمام لهذه العصابة


وخرج من الكفر وتوسلات امه تنطلق خلفه وبكاء أمينة يلاحقه

مرت السنين تجر بعضها وسعيد غائب عن البلدة ولكنه شعر مع مرارة الايام التي يعيشها عشقه للامان وكيف ينعم بنوم بعيد عن توبيخ الضمير


طوال فترة غياب سعيد عن البلدة فتحت امينه زراعيها للحياه تنهب منها على قدر استطاعتها

كانت تعتقد برحيل أخيها عنها سيجعلها حرة وسعيدة ولكن شيطان أخيها رحل ليحل محله شيطان الفقر الذي أعطاها الحرية الزائفة ودفعها داخل عالم مختلف عالم غريب عن الشرفاء


تقبلت امينة هذه الحياة ودافعت عنها ولم تفكر يوما ان اخيها سيعود ولكن ظنها خاب

وها هو سعيد يعود ليعيد صياغة حياته بعد ان لوثها بالجريمة وها هي أمينة تندب حظها وتتحسر على نفسها وهي تختنق تحت أوامره وقيوده


ومرت الأيام ولم اعد ارى فيها امينه لم اعد ارى شعلة النشاط التي تتركها عندما تدب الأرض بقدميه العاريتين

في يوم كنت انظف البيت سمعت طرقا خفيفا على الباب يشبه طرقها تركت المكنسه واسرعت نحو الباب وعندما فتحته وجدت سقساقه الدلالة


ازيك يا عود الزان تعالي في حضني يا عروستنا لما ابوسك


جذبت وجهي بين كفيها وانهالت علي بالقبلات ابتعدت عنها وانا اقول

هو في ايه يا خاله ايه الشوق ده كله ايه الشوق اللي انحدف عليك ده مرة واحدة


ألقت البدينه الطرحه على الكنبة واتجهت نحو كوب فوق الزير وهي تقول

اخص عليك يا عود الزان طب ده انا جايبه لك خبر هيفرحك


رفعت الكوب على فمها وتجرعت الماء ثم تابعت قولها

هي الست ستيتة فين


زممت شفتي وقلت لها

نايمه هي وراها حاجه غير النوم


اقتربت من اذنه وهمست

عارفه يا بنت لو اللي في بالي حصل هترتاحي من هم ستيته


خرجت ستيتة من الحجرة وهي تسعل

هو مين اللي جايه ياللى تنشك في قلبك


قالت سقساقة وهي تخطو خطوات ناحية الحجرة الذي تنام فيه ستيتة

دي أني يا ست الستات

تعودت الدلالة على زيارة سنيته يوم كل أسبوع تأتي من الصباح ولا تغادر البيت إلا قرب أذان المغرب ولكن هذه المرة اختلفت مواعيدها فهذه هي الزيارة الثانية لها في نفس الأسبوع لا بد من أن هناك شيئا مهما تريد أخبار ستيتة تركتهم ينهشون في سير الناس وعدت للكنيس الدار

وبعد مرور ساعتين خرج ستيتة من الحجرة وخلفها سقساقه وقالت لي

امسكي جوزين فراخ وحطيهم في القفص لخالتك سقساقه

ونظرت سقساقة وهي تسألها

ولا إيه رأيك اذبحهم لك

قالت سقساقه وهي تضع الطرحة على رأسها

لا حطيهم في القفص وأنا هدبحها لماسي جمال يعود من البندر ربنا ما يحرمنيش من عطفك يا ست الستات

على راحتك حجة يا سقساقه لو خلص الموضوع دي ليك الحلاوة

ضحكت وقالت

عيب يا ستي دي أنا سقساقه بس ابقي ردي علي بالعجل


كانت ستيته تعطي كل مره لهذه الدلالة عيش وجبن ولكن هذه المره اختلفت عطيتها انها تعطيها فراخ لا بد ان هناك امر مهم بينهما وهذا الشيء يسعد ستيته

اتجهت الى غرفة الفراخ ومسكت اثنتين ووضعتهما في قفص ثم اعطيتهما الفراخ وانا اقول

حجه يا خاله هو انت ما شفتيش امينه


أمسكت الفراخ وهي تضغط عليهم وقالت

هو انت ما تعرفيش سعيد حاجبيه وبقت من البنات المحاجيب ده انا سمعت انهم نقلوا الدار الجديدة اللي بناها لهم دي دار برحه في الناحيه البحريه عند دوار العمده بس الولية امهم ما راحتش معاهم قال بتقول ان فلوس سعيد حرام حرمه عليها عيشته هو حد طايل بدل الخرابه اللي عايشه فيه


واتجهت بنظرها لستتي وقالت

حجه يا ست الستات لو شفت دارهم الجديدة ضربا ريحي تشرح القلب


جلست ستيتة على الكنبة تضفر شعرها وقالت

اهم دول اللي كانوا بيشتغلوا تمليه عند الخلق


هتفت بانزعاج واضح

سيبي كل حي بحاله يا عمه


زمت شفتيها وقالت لي

طب يلا يا فالحه حمى القانون وحضري العشا زمان ابوك الحاج على وصول

ا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-